التخطي إلى المحتوى الرئيسي

التهاب الأذن الخارجية الخبيث (الناخر)| أسباب، أعراض وعلاج

ما هو الالتهاب الخبيث للأذن الخارجية؟هو التهاب شديد مستمر للقناة السمعية يمتدّ حتى يشمل عظام وأنسجة قاع الجمجمة, ويُطلق عليه أيضاً "التهاب ناخر للأذن الخارجية" لأنه "ينخر" في عظام الجمجمة، وهو ليس ورماً خبيثاً بل هو التهاب عدواني بالغ السوء تُسببه بكتيريا "سودوموناس إيروجينوزا".

يبدأ الالتهاب الناخر على شكل التهاب عادي في الأذن الخارجية، لكنه يتطور سريعاً وينتشر من خلال "شق سانتوريني" ومنطقة التقاء الغضروف بالعظام إلى عظام الجمجمة، وذلك في المرضى المهيئين لحدوثه  مثل مرضى السكر والإيدز والأمراض الأخرى التي تُضعف المناعة.

العوامل المهيئة لحدوث الالتهاب الناخر بالقناة السمعية

هي تلك الأمراض التي تُضعف مناعة الجسم الطبيعية فتجعل المريض أكثر عرضة لحدوث الالتهاب الخبيث من غيره، خصوصاً في كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، من بين تلك العوامل:

  • مرض الشكّري: أكثر من 90% من مرضى الالتهاب الخبيث "الناخر" هم في الأصل مصابون ب "السكّري".
  • الأمراض المزمنة الأخرى التي تسبب نقص المناعة مثل الإيدز وتناول العلاج الكيماوي.
التهاب-خبيث-للأذن-الوسطى

لماذا يُسمى هذا النوع بالالتهاب الخبيث للأذن الخارجية وهو ليس سرطاناً؟

سُجّلت رسمياً أول حالة تُكتشف مصابة بهذا المرض عام 1838 بواسطة طبيب يُدعى "تولموتشي" (مصدر)، ثم في عام 1968 قدم طبيب يُدعى "تشاندلر" وصفاً طبياً تفصيلياً لهذا الالتهاب وأطلق عليه وصف "التهاب خبيث" (Malignant Otitis Externa) فلماذا؟

لأن الطبيب الذي سجّل هذا المرض ودرسه، لاحظ أن المرض يسلك سلوكاً متفاقماً، كما أنه ينتشر كالسرطان واستجابته للعلاج ضعيفة، كما لاحظ زيادة عدد الوفيات بسببه (قبل تطور المضادات الحيوية) فأطلق عليه وصف "التهاب الأذن الخارجية الخبيث" رغم أنه ليس سرطاناً، واشتهرت تلك التسمية من بعده.

ما أسباب التهاب الأذن الخارجية الخبيث؟

تتعدد الميكروبات المسببة لهذا المرض، لكن الأكثر شيوعاً هي بكتيريا السودوموناس، والتفاصيل كما يلي:

  • البكتريا: بكتيريا السودوموناس "Pseudomonas aeruginosa" والعنقودية "Staphylococcus aureus" هما أكثر المسببات, لكن ال "بروتيوس" (Proteus) تسبب المرض في بعض الحالات أيضاً.
  • الفطريات: فطر الأسبريجيللوس مسئول عن حوالي 5-20% من الحالت، ما يجعله في المركز الثاني بعد بكتيريا "سودوموناس" 
  • الفئة الأكثر عرضة للإصابة: كبار السن وبالأخص مرضى السكري.
لماذا مرضى السكر معرضون أكثر من غيرهم؟ لأن السكري يُسبب تلف في الأوعية الدقيقة وبالتالي ضعف وصول أدوات المناعة لمقاومة المرض، بالإضافة إلى أنه يُقلل من  استجابة المريض للأدوية سواء المضادات الحيوية أو غيرها لأنه يرفع الأُس الهيدروجيني لشمع الأذن عن الطبيعي ويُقلل إفراز الأنزيمات المناعية أيضاً (مصدر).

مرضى الإيدز المصابون بالتهاب الأذن الخارجية الخبيث يختلفون عن غيرهم، حيث يكونون في الغالب أصغر سناً وتكون بكتيريا "سودوموناس" هي المسبب الوحيد المحتمل، كما أن احتمالات حدوث مضاعفات خطيرة لديهم أكبر من مرضى السكر.

  • هذا المرض يُمكن -نظرياً- أن يُصيب جميع الفئات العمرية، لكنه شائع أكثر في المرضى فوق سن ال60 سنة، ويصيب صغار السن إذا كانوا مصابين بمرض نقص المناعة المكتسبة "الإيدز".
  • نسبة حدوثه في الرجال أكبر منها في النساء
  • الالتهاب الناخر نادر جداً حدوثه في الأطفال
  • ينتشر الالتهاب الخبيث للأذن الخارجية في المناطق ذات الرطوبة المرتفعة

أعراض التهاب الأذن الخارجية الخبيث (الناخر)

نظراً لخطورة هذا المرض، فقد تم تحديد بعض المعايير لتشخيصه منقسمة إلى "معايير عُظمى" وهي أساسية ويجب أن تتواجد ليتم التشخيص و"معايير صغرى"، لكننا سنعرض لكم ملخص لأهم الأعراض لأن المعايير التشخيصية تهم الأطباء أكثر من المرضى.
  • ألم شديد متعمّق في الرأس يزداد مع تحريك الرأس و يسوء في الليل
  • إفرازات صديدية مستمرة ذات لون أصفر أو أخضر ولها رائحة كريهة
  • هرش متكرّر في قناة الأذن الخارجية
  • ضعف عضلات الوجه, يصل إلى حدّ شلل الوجه
  • من الممكن أن يصل الالتهاب إلى الحنجرة مسبباً فقدان الصوت
  • البرغلة (التحبيب): ظهور بعض الحُبيبات (Granulations) يُمكن مشاهدتها في القناة السمعية

علامات الإصابة بالمرض (فحص الطبيب)

  • ظهور حبيبات في أرضية الصماخ الخارجي "فتحة الأذن" (التحبيب) تنتج كميات قليلة من الإفرازات الدموية
  • ألم شديد عند لمس الطبيب للأذن الخارجية أو عند شد شحمة الأذن أو تحريكها
  • فقدان السمع من النوع "التوصيلي" يلاحظه الطبيب فقط
  • التهاب الغدد الليمفاوية أمام وخلف الأذن وعلى الجهة الخارجية للعنق
  • إذا وصل الالتهاب إلى مفصل الفك أو الغدة النكافية قد يؤدي إلى عدم القدرة على تحريك الفكّ (ضزز)

الفحوصات والاختبارات المعملية اللازمة للتشخيص

  1. فحوصات معملية: سكر في الدم، وسرعة الترسيب ESR، و وظائف الكلى
  2. مزرعة حساسية للصديد
  3. آشعة مقطعية على عظمة الصدغ وقاع الجمجمة
  4. عينة من المنطقة المصابة لاستبعاد احتمال الإصابة بالسرطان
  5. مسح ذرّي على العظام لتحديد مدى إصابتها وتوغّل العدوى بها
  6. مقياس سمع

كيف يمكن تشخيص الالتهاب الخبيث للأذن الخارجية؟

يعتمد تشخيص هذا المرض على ثلاثية مهمة هي التاريخ المرضي للمصاب لتحديد إذا كانت لديه عوامل تجعله قابلاً للإصابة بهذا المرض وهي العوامل المشروحة في أعلى المقال، ثم الفحص الجيد للوقوف على العلامات الإكلينيكية المذكورة أعلاه، ثم تأكيد التشخيص بإجراء الفحوصات المذكورة.

بالإضافة إلى ما سبق، يجب على الطبيب استبعاد الأمراض الأخرى التي تصيب الأذن الخارجية والتي لها صورة مرضية قريبة من هذا المرض وهي كالتالي:
  • سرطان الخلايا الحرشفية للقناة السمعية الخارجية
  • التهاب الأذن الخارجية البسيط (لا يمتد للأنسجة الأخرى أو العظام, كما أنه يستجيب للعلاج بالمضادّات الحيوية الموضعية)
  • التهاب الأذن الوسطى الحادّ
  • الالتهاب الصديدي المزمن للأذن الوسطى
  • الكوليستياتوما
  • التهاب عظمة الخشاء

ما هي مضاعفات مرض التهاب الأذن الخارجية الناخر؟

انتشار العدوى (الالتهاب) إلى قاع الجمجمة بسبب التهاب عظامها يؤدي إلى شلل كل من العصب الوجهي، العصب اللساني البلعومي، العصب الحائر، والإضافي وعصب اللسان.

طريقة علاج الالتهاب الخبيث للأذن الخارجية

تعتمد خطة المعالجة على إعطاء المريض جرعات مضادات حيوية ومضادات ميكروبات تكون فعالة ضد بكتيريا "سودوموناس" المسبب الأشهر، غالباً مضادات من مجموعة "فلوروكينولون"، وخطوات العلاج كالتالي:

  1. الحجز في المستشفى
  2. ضبط جرعات علاج مرض السكّري للتحكم فيه
  3. مضادّات حيوية لمدة 6 أسابيع على الأقل: (التفاصيل والجرعات والمضاعفات: هنــــا)
ب. Aminoglycosides + carpenicillin

4. حمام الأذن الجاف، ومضادات حيوية موضعية.
5. تنظيف جراحي لإزالة إجزاء العظام الصغيرة الميتة.

في الحالات غير المُستجيبة للمضادات الحيوية المذكورة، يتم اللجوء لنتيجة مزرعة البكتيريا والتي تظهر بعد عدة أيام.

لوحظ في الفترة الأخيرة حدوث مناعة معاكسة من بكتيريا سودوموناس ضد المضادات الحيوية من مجموعة "كينولون" بسبب استخدامها بكثرة لعلاج أمراض أخرى، وبالتالي فالحل هو استخدام بديل من السابق ذكرهم.

مدة علاج التهاب الأذن الخارجية الخبيث تمتد لعدة أسابيع، ويُمكن للمريض استكمال العلاج في المنزل مع متابعة استجابته للعلاج بإجراء تحليل "سيترات الجاليوم" (gallium citrate Ga 67) بعد مرور 4-6 أسابيع من بدء العلاج.

مزيد من التفاصيل حول علاج التهاب الأذن الخارجية الخبيث هنا

نسبة نجاح العلاج

تعتمد نسبة الشفاء من مرض التهاب الأذن الخارجية الناخر (الخبيث) على عدة عوامل مثل نتائج التحاليل والآشعة التي توضح نسبة انتشار المرض، ومدى التحكم في علاج السكر.

وقد لوحظ انخفاض نسبة الشفاء في الحالات التي توفرت فيها العوامل التالية:

  • الحالات التي وصل المرض فيها إلى العصب السابع
  • حالات إصابة الأعصاب الدماغية الأخرى كما سبق وصفه بأعلى المقال
  • زيادة التحبيب وفرط تورم القناة السمعية
  • وجود العدوى في كلتا الأذنين
  • الحالات التي كان سببها فطريات الأسبرجيللوس

المراجع

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التهاب دهليز الأنف (فتحة الأنف): أسباب، أعراض، مضاعفات وعلاج

التعريف : التهاب دهليز الأنف هو التهاب الجلد المُغطّي لمدخل الأنف (فتحة الأنف) نتيجة الإصابة بعدوى بكتيرية صديدية أو بسبب التهاب تهيُّجي للجلد وهو يحدث غالباً نتيجة الرشح المزمن من الأنف ويتميز بجفاف وتيبُّس الجلد المغطي لفتحة الأنف الخارجية. ومدخل الأنف (الدهليز) هو المنطقة في بداية كل منخر والتي تحدد بداية الممرات الأنفية ويجب تفرقته من قرحة و دمامل وخراج فتحة الأنف . أسباب التهاب فتحة الأنف التهاب دهليز الأنف هو عدوى في الأساس سببها البكتيريا المكورة العقدية (Staphylococcus aureus). توجد العديد من أنواع البكتيريا في التي تعيش في الأنف بشكل طبيعي ولا تسبب مشاكل، لكنها تنشط وتسبب الالتهاب أو الخراج أو الأشكال الأخرى في وجود العوامل المهيئة، مثل: تكرار نفخ الأنف لفترة طويلة (النف). نتف شعر الأنف، لأنه يسبب جروحاً صغيرة تفتح باباً لدخول العدوى ثقب الأنف لوضع قطع معدنية. خدش الأنف وقد تحدث قرحة بفتحة الأنف تكرار اللعب في الأنف أو حكها  الرشح المزمن من الأنف (سواء بسبب فيروسي أو حساسية). وجود التهاب فيروسي في الأنف أو في أعضاء أخرى (هربس أو الحزام الناري). في دراسة حديثة (أُجريت في 201

خراج الأنف ودمل داخل الأنف: أسباب، أعراض، علاج ومضاعفات

دمِّل فتحة الأنف (المدخل أو الدهليز من الداخل) هو عبارة عن عدوى بكتيرية تُسبب التهاباً حادّاً في إحدى بُصَيلات الشعر الموجود بفتحة المنخر داخل الأنف، تُسببها البكتيريا المكورة العقدية (staphylococcus aureus) وهي حالة وإن كانت تبدو بسيطة وتُشفى تلقائياً في أغلب الأحيان، إلا أن لها مضاعفات -إن حدثت- فهي غاية في الخطورة نظراً لوقوع تلك المنطقة ضمن مثلث الخطر بالوجه والذي قد تمتد أى عدوى فيه عبر بعض الأوعية الدموية إلى المخ. يجب تفرقته من التهاب دهليز الأنف . في حال عدم علاج خراج الأنف أو الدمل، فإن المريض يكون معرضاً لعدد من المضاعفات شديدة الخطورة مثل الالتهاب الخلوي في الوجه و تخثر الجيب الكهفي  وما يتبعه من ارتفاع كبير في درجة الحرارة والتورم حول العين مع شلل الأعصاب الدماغية أرقام 3 و4 و5 و6 وأغلبهم وظيفته حركة العين والإبصار. الأسباب : غالباً يحدث الدِمّل في الأنف نتيجة لما يلي: كنتيجة لإصابة ميكانيكية مثل خدش الأنف أو جرحها مما يؤدي لدخول البكتيريا سريعاً لتلك المنطقة. في الأطفال نتيجة لعبهم وإدخالهم المتكرر لأصابعهم في أنوفهم. غالباً تكون البكتيريا المكورة العنقودية الذهبية هي المس

تحليل CBC صورة الدم الكاملة: شرح وتفسير النتائج بالتفصيل

هذا شرح شامل ومبسط لتحليل صورة دم كاملة (الرموز بالإنجليزية: Complete Blood Count وأيضاً Hemogram أو CBC with Differential) وتفسير النتائج ومعرفة ما تدل عليه والأمراض التي قد تظهر في التحليل وماذا يكشف (يُسمى أيضاً: تعداد دم كامل)، لكن في البداية نود أن نشرح لكم مكونات الدم حتى يتثنى لكم فهم ما ستقرؤنه بعد ذلك. الشرح التالي سيجعلك تستطيع قراءة تحليل CBC أو صورة الدم بسهولة وستتمكن من معرفة معلومات مبدئية عن حالتك الصحية، وستتمكن من اكتشافات اضطرابات جسدية حتى لو لم تظهر أعراضها، كما ستصبح قادراً على تقييم الأنيميا وسيولة الدم ووجود عدوى من غيره. ما مكونات الدم؟ يتكون الدم من عنصرين أساسيين هما "البلازما" وخلايا الدم. البلازما هي السائل الذي تعوم فيه الخلايا (تُسمى أيضاً "مصل الدم"). تتكون البلازما من ماء وبروتينات (مثل الألبيومين والجلوبيولين والفيبرينوجين) وبعض المكونات الأخرى وتمثل البلازما حوالي 50% وأكثر من حجم الدم. خلايا الدم هي الجزء الذي نحن بصدد شرحه في هذا المقال، وهي 3 أنواع رئيسية خلايا الدم الحمراء (RBCs) وخلايا الدم البيضاء (WBCs) والصفائح الدموية (P