التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عملية استئصال المرارة بالمنظار: شرح ودواعي ونصائح بعد العملية

 تعتبر عملية استئصال المرارة بالمنظار هي أحدث حل طبي غير تداخلي لمشكلة حصوات المرارة والتهاب المرارة المزمن والحاد، ونقصد بمصطلح "غير تداخلي" أن الجراحة تتم عن طريق ثقب صغير يسمح بدخول فوهة المنظار بدون إحداث قطع كبير في كل طبقات جدار البطن وما يليه وبدون مخاطر النزيف المعروفة لعمليات الجراحة المفتوحة.


تاريخياً، بدأ التحول إلى عملية استئصال المرارة بالمنظار بدلاً من المنظار منذ عام 1990 تقريباً تدريجياً حتى أصبح المنظار هو الاختيار الأول والحل الأفضل تماماً في هذه الأيام، وبات يُستخدم حتى لاستئصال أورام المرارة بنوعيها مع أفضلية للجراحة المفتوحة في حال كان الورم خبيثاً.



هذا التقرير سنشرح فيه كل ما يتعلق بعملية المرارة من حيث دواعي إجراء المنظار، الموانع، الفوائد والأضرار المحتملة، تكلفة عملية المرارة بالمنظار، نصائح تحضير المريض قبل العملية ونصائح بعد العملية للحصول على أفضل نتائج وتجنب المضاعفات مع شرح إجراءات التخدير ومدة العملية.


حقائق سريعة عن حصوات المرارة 

قبل الخوض في تفاصيل عملية استئصال المرارة بالمنظار سنعرض بعض المعلومات العامة والإحصاءات بخصوص حصوات المرارة والتهاب المرارة المزمن والحاد على شكل نقاط سريعة.


  •  حصوات المرارة تنتشر في النساء أكثر من الرجال.
  • في الولايات المتحدة وحدها، يعاني حوالي 20 مليون مواطن حصوات المرارة، وتُجرى 300 ألف عملية استئصال مرارة بالمنظار كل عام هناك.
  • 10-15% من مرضى حصوات المرارة لا يشعرون بأي أعراض
  • 20% من مرضى حصوات الكلى يعانون أعراض مغص المرارة وألم البطن
  • جوالي 1-4% من مرضى حصوات المرارة تحدث لهم مضاعفات مثل التهاب حاد بالمرارة، التهاب البنكرياس بسبب حصوات المرارة، انسداد القنوات المرارية وشلل الأمعاء.
  • يزداد معدل تكون حصوات المرارة كلما تقدم الشخص في العمر، بحيث أنه في المرحلة العمرية من 50 إلى 65 عاماً تعاني 20% من النساء و5% من الرجال حصوات بالمرارة.

شرح تشريح المرارة 

فيما يلي شرح مبسط للوضع التشريحي للمرارة يمكن أن يساعد القارئ على فهم كيفية تكون حصوات المرارة وما يفعله الجراحون لاستئصالها.


تقع المرارة على الجزء السفلي مما يُسمى "فراش الكبد" (كما بالصورة) ويبلغ طولها 10 سم، ويمكنها أن تحمل حتى 50 سم مكعب من سوائل العصارة الصفراوية، وتتكون -تشريحياً- من أربعة أجزاء هي القاع والجسم والقناة والعنق.


 القناة المرارية تخرج من القناة الصفراوية المشتركة وتتصل مباشرةً بعنق المرارة.

تحصل المرارة على الإمداد الدموي عبر الشريان المراري الذي هو أحد فروع الشريان الكبدي، مع اختلافات كبيرة بين البشر في مسار الشريان الكبدي وحتى في مسار القناة المرارية.


الشريان المراري والمثلث الموجود فيه (مثلث كالوت) مهم جداً للجراحين أثناء استئصال المرارة، هذا المثلث ضلعه الداخلي هو القناة الكبدية المشتركية وضلعه الخارجي هو القناة المرارية وضلعه العلوي هو حافة الكبد.


متى يجب إجراء عملية استئصال المرارة بالمنظار؟

دواعي عملية المرارة تشمل ما يلي:

  • التهاب المرارة الحاد والمزمن
  • حصوات المرارة التي تسبب أعراضاً للمريض
  • وجود خلل في حركة الصفراء سواء بالنقص أو الزيادة
  • التهاب المرارة بسبب الحصوات
  • التهاب البنكرياس بسبب حصوات المرارة
  • وجود أورام حميدة أو ما يشبه اللحميات في المرارة
حصوات المرارة هي عبارة عن بللورات تتكون في الغالب من الكوليسترول وبعض العناصر، وهي يمكنها أن تتضخم بما يكفي لسد القنوات المرارية وإعاقة حركة العصارة الصفراوية من المرارة إلى الجهاز الهضمي (الأمعاء بالتحديد).

هذا الانسداد يؤدي إلى ركود العصارة الصفراوية وهو ما يؤدي إلى استثارة الأغشية المخاطية للمراة ليحدث الالتهاب، وكل ما سبق يؤدي إلى ظهور أعراض التهاب المرارة المعروفة مثل الحمى والصفراء والغثيان وانتفاخ البطن والألم الشديد في الجانب الأيمن خصوصاً بعد أكلة دسمة.

ما موانع استئصال المرارة بالمنظار؟

توجد بعض الموانع التي تتعلق بعدم لياقة المريض للخضوع لعملية استئصال المرارة بالمنظار، وهي كالتالي:

  • عدم لياقة المريض للتخدير الكلي لأي سبب طبي مثل الأمراض المزمنة في المراحل المتأخرة
  • عدم قدرة المريض على تحمل دخول الهواء في تجويف الغشاء البريتوني
  • وجود اضطرابات في عوامل التجلط وتظهر في اختبارات سيولة الدم
  • في حالة وجود ورم سرطاني أو ورم ثانوي
ملحوظة: في الماضي القريب كان سرطان المرارة هو أحد موانع استئصال المرارة بالمنظار، لكن مؤخراً باتت الأبحاث تدعم استئصال المرارة بالمنظار في حالات السرطان [مصدر].

ما مميزات استئصال المرارة بالمنظار عن الجراحة المفتوحة؟

كما شرحنا أعلاه، الجراحة المفتوحة لاستئصال المرارة باتت نادرة وتُجرى فقط في المناطق التي لا تتوفر فيها المناظير ولا الأطباء المدربين عليها، وللمنظار مزايا عديدة عن الجراحة المفتوحة من أبرزها ما يلي:

  • ألم ما بعد العملية أقل في حالة المنظار وبالتالي لن يحتاج المريض إلى الكثير من مسكنات الألم غير الاستيرويدية المضرة ولا المسكنات المخدرة.
  • مدة البقاء في المستشفى قبل وبعد العملية أقل بكثير في حالة المنظار.
  • جرح المنظار صغير جداً وأفضل من الناحية التجميلية (يمكنكم مراجعة الصورة الأولى أعلاه) خصوصاً أن أغلب مرضى حصوات المرارة من النساء.
  • تقليل الجروح والتعامل مع الأنسجة وبالتالي نسبة مضاعفات أقل.
يجدر الذكر أن تكلفة عملية استئصال المرارة بالمنظار أكبر من تكلفة استئصالها بالجراحة المفتوحة بسبب إيجارات المناظير والمعدات الخاصة والشاشة، لكن المريض سيستفيد أكثر بالمنظار.

كيف يمكن إعداد المريض للعملية بالمنظار؟ [ما قبل العملية]

قبل العملية يجب أن يتأكد طبيب الجراحة العامة من التشخيص عن طريق الآشعة التلفزيونية بالموجات فوق الصوتية على البطن (السونار)، فإذا تأكد التشخيص فإن الطبيب سيطلب منك بعض التحاليل الضرورية للتأكد من لياقتك للتخدير وللعملية بالمنظار.

سيسألك الطبيب أيضاً عن الأدوية التي تتناولها قبل العملية بانتظام وسيطلب منك التوقف عن تناول أدوية السيولة لمدة 48 ساعة على الأقل قبل العملية.

أهم التحاليل التي تُطلب قبل عملية المرارة هي:
إذا كانت نتائج التحاليل السابقة في المعدل الطبيعي، وقرر طبيب التخدير بعد الفحص أنك لائق للعملية، فإنه سيشرح لك إجراءات العملية والاحتياطات اللازمة ثم يطلب منك الصيام.

مدة الصيام قبل عملية استئصال المرارة بالمنظار تكون في الغالب 6 ساعات، يمتنع خلالهم المريض عن تناول أي طعام أو شراب، وذلك لتفادي حدوث اختناق بسبب ارتجاع المواد الغذائية ودخولها إلى الرئة أثناء التخدير وتركيب الأنبوبة الحنجرية.

يُحقن المريض بالمضادات الحيوية الوقائية خلال 30 دقيقة قبل بدء العملية.

كيف تسير عملية استئصال المرارة بالمنظار؟

تبدأ العملية بعد أن يحقن طبيب التخدير المخدر العامو يخلد المريض إلى النوم، ثم يضع الأنبوبة الحنجرية للتنفس، وبعد ذلك تبدأ إجراءات المنظار.
 
يتم تعقيم مجال المنظار بداية من نهاية حافة الضلوع وحتى بداية الحوض، وذلك تحسباً لفشل المنظار واضطرار الجراح إلى تحويل العملية إلى جراحة مفتوحة.

أولاً تُنفخ بطن المريض حتى ضغط 15 مم زئبق باستخدام غاز ثاني أكسيد الكربون، ثم يثقب الجراح 4 ثقوب في البطن في الأماكن المحددة لإدخال المبزلة الخاصة بالمنظار كما هو موضح بالصورة.


بعد ذلك يدخل الجراح بالمنظار المزود بكاميرا وتعرض على شاشة عرض ويسحب المرارة ويجعلها فوق الكبد، وهو ما يعطيه صورة أوضح للمثلث السابق شرحه.

يستخدم الجراح المنظار لتسليك الطريق أولاً، ثم يتأكد من موقعه ثم يستأصل المرارة تماماً باقتلاعها من فراش الكبد، ثم يؤمّن إغلاق جميع الأوعية الدموية النازفة، ثم يبدأ تخفيف ضغط النفخ على مراحل حتى لا تنفجر الأوردة.


يخرج الجراح بالمنظار بعد أن سحب المرارة بمقدمته ويضعها في عبوة خاصة مملوءة بالفورمالين ويُسلمها للمريض أو مرافقيه بعد الانتهاء من العملية. 



نصائح بعد عملية استئصال المرارة لتحقيق أفضل نتائج

بعد انتهاء العملية، يأخذ الممرضون المريض إلى غرفة الإفاقة، ويوضع تحت الملاحظة لبضع ساعات، ثم يتأكد طبيب التخدير من عودة وظائفه الحيوية إلى طبيعتها بعد الإفاقة من التخدير وعدم وجود مضاعفات.

في الغالب يخرج مريض المرارة من المستشفى في نفس يوم العملية ويعود لمتابعة الاستشفاء في المنزل، وينصحه الطبيب بما يلي لتجنب حدوث أي مضاعفات مستقبلية:

  • تجنب رفع الأشياء الثقيلة
  • تجنب الحزق لأي سبب
  • اشرب كميات كبيرة من المياه
  • تناول الخضروات والمأكولات الغنية بالألياف لمساعدة الأمعاء على استعادة حركتها الطبيعية
  • الغيار على الجرح الصغير يومياً لحين الالتئام
  • زيادة أنشطتك اليومية تدريجياً
  • المشي لمسافات متوسطة يومياً لتجنب حدوث الجلطات

المضاعفات المحتملة للعملية

مثل أي عملية جراحية، توجد بعض المضاعفات لعملية استئصال المرارة بالمنظار لكنها -لحسن الحظ- نادرة الحدوث، وهي تشمل ما يلي:

  • تسرب العصارة الصفراوية إلى الغشاء البريتوني أو إلى الدم
  • النزيف أثناء أو بعد العملية
  • المضاعفات المعروفة للتخدير
  • الفتق
  • جرح القنوات المرارية أو جرح الكبد والأمعاء
  • فقدان الإحساس أو التنميل في منطقة دخول المنظار
  • التهاب الغشاء البريتوني في البطن
  • التهاب مجرى البول
  • ندبات صغيرة مكان دخول المنظار

كم تكلفة عملية استئصال المرارة بالمنظار؟

هذه العملية من العمليات المكلفة نظراً لأن إيجار المنظار وحده يضيف تكلفة إضافية للجراحة، وتختلف تكلفة عملية استئصال المرارة بالمنظار باختلاف المستشفى واختلاف أجر الجراح وإيجار المناظير.

تبدأ تكلفة العملية في مصر من 10 آلاف جنيهاً مصرياً وتصل إلى 25 ألفاً في بعض المستشفيات.
إذا أردت الحصول على أفضل سعر للعملية عبر خصومات موقع أهل الطب في مستشفيات مصر، فضلاً راسلنا عبر هذا الرقم: 01110902919.

المراجع

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة تحليل الكوليسترول والدهون وشرح الرموز والأرقام

 تحليل الكوليسترول هو أحد الفحوصات الأكثر طلباً من الأطباء خصوصاً في تخصص الباطنة والقلب والهدف منه اكتشاف ومتابعة تطورات أمراض القلب والأوعية الدموية وبعض حالات مرض السكري وهو يقيس الكوليسترول بنوعيه النافع والضار والنسبة بينهما بالإضافة إلى الدهون الثلاثية. هذا التقرير نشرح فيه بالتفصيل كيفية الإعداد لعمل تحليل الكوليسترول وتحليل الدهون الثلاثية وأسباب ارتفاع وانخفاض الكوليسترول وكيفية قراءة نتيجة التحليل ومعاني الرموز LDL و HDL وTG والنصائح والإجراءات اللازمة للحفاظ على مستوى صحي من دهون الدم. ما فائدة تحليل الكوليسترول والدهون ولماذا يطلبه الأطباء؟ يطلب أطباء الباطنة والقلب تحاليل الدهون الثلاثية والكوليسترول لأكثر من سبب أهمها تفييم الحالة العامة للقلب والأوعية الدموية ومتابعة ارتفاع ضغط الدم وأيضاً مرض السكر. قائمة الحالات التي يُطلب فيها تحليل الكوليسترول أو تحليل الدهون الثلاثية أو كليهما تشمل: حالات الفحص الدوري للاطمئنان على الصحة العامة والتأكد من مستويات الدهون في جسمك وما إن كنت محتاجاً لضبط النظام الغذائي أو لا. للمتابعة الدورية إذا تم تشخيصك باضطراب تمثيل الدهون أو ارتف

إثبات علمي جديد: الرضاعة الطبيعية تنقل المحتوى الوراثي بالكامل من الأم للرضيع

خلُصت دراسة علمية حديثة أجراها باحث تركي ونُشرت في أهم موقع طبي أمريكي عالمي للرسائل العلمية "ncbi" و PubMed ونال عنها الباحث درجة الدكتوراة، خلصت إلى التأكيد من جديد على فرضية أن التركيب الجيني الوراثي ينتقل من الأم لرضيعها عبر اللبن الطبيعي أثناء الرضاعة إلى كل خلية من خلايا جسمه بواسطة الحمض النووي الدقيق المكتشف حديثاً mRNA، علماً بأن حرف "m" هو اختصار لكلمة "micro" وليس "messanger". وقام الباحث بتحليل عينات من لبن الكثير من الأمهات واكتشف وجود حويصلات دقيقة تشبه الفيروس (تحت المجهر)، تلك الحويصلات تحتوي على نسخ من الحمض النووي الدقيق mRNA ولها القدرة على عكس عملية تصنيع الحمض، وتبين أنها تحتوي على ما يقارب 14000 نسخة من هذا الحمض. وكانت العديد من الدراسات قد أثبتت مؤخراً أن تلك الحويصلات الدقيقة يُمكنها نقلها إلى خلايا جديدة بطريقة "الالتقام" وأن الحمض النووي الدقيق RNA الموجود بداخلها يُمكن أن تتم ترجمته داخل الخلايا الجديدة لإنتاج حمض نووي جديد DNA فعّال ويعمل بشكل طبيعي. وحسب الأبحاث، فإن نسبة كبيرة من المحتوى الوراثي للثدييات (

التهاب دهليز الأنف (فتحة الأنف): أسباب، أعراض، مضاعفات وعلاج

التعريف : التهاب دهليز الأنف هو التهاب الجلد المُغطّي لمدخل الأنف (فتحة الأنف) نتيجة الإصابة بعدوى بكتيرية صديدية أو بسبب التهاب تهيُّجي للجلد وهو يحدث غالباً نتيجة الرشح المزمن من الأنف ويتميز بجفاف وتيبُّس الجلد المغطي لفتحة الأنف الخارجية. ومدخل الأنف (الدهليز) هو المنطقة في بداية كل منخر والتي تحدد بداية الممرات الأنفية ويجب تفرقته من قرحة و دمامل وخراج فتحة الأنف . أسباب التهاب فتحة الأنف التهاب دهليز الأنف هو عدوى في الأساس سببها البكتيريا المكورة العقدية (Staphylococcus aureus). توجد العديد من أنواع البكتيريا في التي تعيش في الأنف بشكل طبيعي ولا تسبب مشاكل، لكنها تنشط وتسبب الالتهاب أو الخراج أو الأشكال الأخرى في وجود العوامل المهيئة، مثل: تكرار نفخ الأنف لفترة طويلة (النف). نتف شعر الأنف، لأنه يسبب جروحاً صغيرة تفتح باباً لدخول العدوى ثقب الأنف لوضع قطع معدنية. خدش الأنف وقد تحدث قرحة بفتحة الأنف تكرار اللعب في الأنف أو حكها  الرشح المزمن من الأنف (سواء بسبب فيروسي أو حساسية). وجود التهاب فيروسي في الأنف أو في أعضاء أخرى (هربس أو الحزام الناري). في دراسة حديثة (أُجريت في 201