مشكلة غثيان الحمل هي أحد أكثر الأعراض انتشاراً بين الحوامل، إذ أنها تصيب حوالي 75% من النساء في فترة الحمل، خصوصاً إذا كان هو الحمل الأول. ويبدأ الغثيان غالباً فيما بين الأسبوع الرابع والأسبوع السابع للحمل بدءاً من تاريخ انقطاع الطمث (الدورة الشهرية) ويستمر طوال الأشهر الثلاثة الأولى للحمل، ويخف في معظم الأحيان بعد انقضاء الشهر الثالث من الحمل.
ما أسباب غثيان الحمل؟
لم تتوصل الأبحاث حتى الآن لمعرفة الأسباب الكاملة لحدوث الغثيان والقيء أثناء الحمل، لكن بعض النظريات رجحت عدة أسباب محتملة يمكن تلخيصها كالتالي:- ارتفاع مستوى الهرمونات أثناء الحمل خصوصاً هرمون الأنوثة "الإستروجين"، وهرمون الحمل HCG
- تذبذب ضغط الدم خصوصاً الهبوط (انخفاض الضغط) في الأشهر الأولى للحمل.
- التغييرات التي تطرأ على التمثيل الغذائي للنشويات
- المواد الكيميائية التي تفرز مع الحمل
هل توجد أعراض أخرى لغثيان الحمل؟
بالإضافة إلى الغثيان المعروف، تشعر الحامل ببعض الأعراض المصاحبة مثل:- فقدان الشهية والنفور من الطعام
- القيء خصوصاً بعد تناول أطعمة مهيجة
- تأثيرات نفسية مثل الاكتئاب والعصبية
هل يؤثر غثيان الحمل على الجنين؟
السؤال الذي يؤرق الحوامل دائماً هو "ما تأثير الغثيان على الجنين؟" وهل يشكل خطورة على الحمل أم لا، خصوصاً أنهم يظنون أن حركة البطن والحزق أثناء القيء يمكن أن تؤذي الجنين أو تؤثر على الولادة. حركة الأمعاء وتقلص عضلات البطن أثناء القيء يمكن أن تسبب آلاماً للأم ومغص، لكن الأخبار الجيدة أن تلك الحركات لا تضر الجنين، لأن جنينك محاط بالسائل الأمنيوزي الذي يعادل الحركات الميكانيكية ويحمي الجنين منها. إضافة إلى ما سبق، فإن بعض الدراسات الحديثة استنتجت أن الغثيان البسيط أثناء الحمل يقلل من حدوث الإجهاض أساساً. ما يقلق فعلاً هو القيء الحملي المفرط الذي يستمر لفترة طويلة ويسبب الجفاف لأنه يمكن بالفعل أن يؤثر سلباً على نمو الجنين، وهو ما سيأتي شرحه بالتفصيل أدناه.علاج الغثيان والاحتياطات الصحيحة
من الأفضل عدم الاندفاع نحو تناول الأدوية إلا إذا فشلت الأساليب التحفظية التي سيأتي تفصيلها، مع التأكيد على ضرورة استشارة طبيب أمراض النساء والتوليد قبل تناول أي عقار دوائي.نصائح للتخلص من غثيان الحمل بدون أدوية:
- أكل بعض المقرمشات الخفيفة أو البسكوت المملح قبل النهوض من الفراش في الصباح
- عدم تناول الأطعمة التي تسبب الغثيان وذات الروائح أو النكهات النفاذة والمثيرة، وتلك الأطعمة تعرفها الحامل بالتجربة
- زيادة عدد الوجبات وتقليل كمية الأكل في كل وجبة، حيث أن ترك المعدة فارغة يمكن أن يسبب الغثيان مثلما يفعل الملء الزائد
- تجنبي الطبخ أو الوقوف في المطبخ قدر الإمكان
- اشربي كميات كبيرة من المياه
- أكثري من تناول المشروبات مثل الزنجبيل والشاي والعصائر الطازجة مثل الليمون والبرتقال
- احرصي على تناول كميات معقولة من الشوربة (الحساء) خصوصاً تلك المصنوعة من مرق اللحوم، ويمكن عصر الليمون عليها لتقليل رائحتها النفاذة
- ڤيتامين ب-٦ (الثيامين) مفيد جداً في علاج القئ مع الحمل، لكن يجب ألا تزيد الجرعة اليومية عن 200 ملليجرام لأنه يمكن أن يسبب ضرراً فوق هذا المستوى
- ارتدي ملابس واسعة فضفاضة، وتجنبي ارتداء الملابس الضيقة التي تضغط على بطنك وعلى الرحم
- تقليل الحركة قدر الإمكان والخلود إلى الراحة في الفراش كلما سنحت الفرصة
- ڤومي- بريك (Vomibreak): أقراص تؤخذ قبل الأكل بحوالي 30-45 دقيقة
- ناڤوبروكسين (Navoproxin): يمكن تناوله في حال فشل ڤوميبريك، وهو بنفس الجرعة
- ناڤيدوكسين (Navidoxin): أقراص قوية وفعالة جداً في علاج القيء غير المستجيب للأدوية الأخرى، لكنه مستورد وقد يكون غير متوفر في الكثير من الصيدليات
- أوندالينز (Ondalenz 4mg): أقراص تذوب في الفم، ولها مفعول قوي وسريع لكنها قد تكون باهظة الثمن بالنسبة لبعض المرضى
- ميكليزيجو (Meclizigo 25mg): أقراص تذوب في الفم أيضاً
ما الفرق بين غثيان الحمل والقيء الحملي المفرط؟
من المهم التفريق بين غثيان الحمل العادي المعروف وبين القيء الحملي المفرط الذي يُصنّف طبياً كمرض ذي خطورة عالية يجب التعامل معه بدقة وعناية خاصة كما سيأتي التفصيل. يختلف الغثيان عن القيء في كون الغثيان هو الشعور بالرغبة في الترجيع وعدم تقبل رائحة الطعام لكن دون حدوث القيء ويصاحب الغثيان نوع من الدوار الحركي. فرط القيء المرضي يختلف عن الغثيان العادي بأنه يحدث فيه ما يلي (علامات الخطورة):- استمرار القيء بدون انقطاع أكثر من ٣-٤ مرات في اليوم
- النفور من الطعام، وعدم تقبل أي أطعمة لأنها تسبب غثياناً لحظياً
- ظهور علامات الجفاف على الجسم مثل ذبلان بشرة الجلد وفقدان مرونته وانغمار العين وجفاف الشفاه والهزال العام
- حدوث اختلال في النسب الطبيعية للأملاح والمعادن في الدم نتيجة فقدانها مع القيء مثل البوتاسيوم والصوديوم والكالسيوم والماغنسيوم
- فقدان مستمر للوزن بمعدل أكثر من 5% من وزن قبل الحمل
- دوار متكرر وإحساس بالدوخة (ورغبة في النوم لفترات طويلة)
- صداع مستمر غير مفسر
- تشوش الإدراك وحدوث نوبات إغماء
- إحساس مستمر بالتعب في كل أجزاء الجسم
- ظهور الأجسام الكيتونية في تحليل البول
- الصفراء: ارتفاع نسبة الصفراء في الدم واصفرار العين والبشرة
- زيادة سرعة ضربات القلب
- نوبات اكتئاب
علاج فرط قيء الخمل
يوجد أكثر من خطة متدرجة لعلاج فرط القيء أثناء الحمل، ويعتمد اختيار الخطة العلاجية على مدى شدة المرض والحالة الصحية العامة للمريضة. تشمل خيارات العلاج ما يلي:- العلاج التحفظي: تشمل تلك الخطة بعض الإجراءات الوقائية بعيداً عن الأدوية، مثل استخدام ضمادة ضاغطة في نقطة معينة من الرسغ شبيهة بتلك المستخدمة لعلاج الدوار الحركي. يمكن أيضاً إعطاء المريضة فيتامين ب-6 أو مصحها بتناول مشروب الزنجبيل بانتظام.
- تغيير نظام تناول الطعام: عن طريق الاعتماد على وجبات خفيفة بعدد أكبر (مضاعفة عدد الوجبات مثلاً)، مع الحرص على تناول الأطعمة الجافة (النواشف) غير المثيرة للغثيان مثل المقرمشات.
- حقن محاليل عبر الوريد: تعويض الحامل عما تفقده من سوائل ومعادن مهمة يعتبر من أساسات علاج فرط القيء لأنه يمنع تطور الأمر إلى الجفاف وحدوث مضاعفات خطيرة للأم والجنين. يتم حقن محاليل متنوعة مثل الرينجر والملح عبر الوريد وقد تضاف إليها أدوية مضادة للقيء مثل حقن "دانست". قد يتطلب الأمر في الحالات المتقدمة حجز المريضة في المستشفى. يمكن التوقف عن المحاليل بمجرد استعادة الحامل قدرتها على تناول المشروبات والطعام.
- التغذية الكاملة بالحقن: يُلجأ إلى هذا الحل في الحالات الحرجة فقط والتي لا تستجيب للخطط العلاجية السابق ذكرها، حيث يتم حجز المريضة بالمستشفى وإعطاءها المواد الغذائية التي تحتاجها عبر الوريد طوال فترة الحمل، ويختلف هذا الإجراء عن المحاليل العادية في كونه يضيف المواد الغذائية الأساسية وليس الأملاح والمعادن فقط.
أدوية علاج فرط القيء أثناء الحمل
يمكن استعمال نفس أدوية علاج غثيان الحمل السابق ذكرها، لكن يفضّل في حالة القيء الحملي المفرط استعمال الحقن بدلاً من الأقراص لأن المريضة لا تستفيد بالأقراص في الغالب بل تطردها بالقيء. من أشهر أدوية علاج القيء بالحقن ما يلي:- حقن دانست (Danset amp): تُعطى عن طريق العضل أو عبر الوريد في المحلول
- حقن بريمبران (Primpran): لكنها غير مفضلة في الحمل
- حقن الكورتيزون في بعض الحالات
هل بعض النساء معرضة أكثر من غيرها للقيء الحملي المفرط؟
بالفعل توجد بعض النساء لديهم قابلية أكبر من غيرهم للإصابة بفرط القيء أثناء الحمل، وهن النساء اللائي لديهن العوامل المساعدة على ظهوره مثل:- حدوث القيء المفرط أثناء حمل سابق
- الحوامل ذوات الأوزان الكبيرة (السمنة)
- تكرار الحمل
- الحمل الأول
- وجود تشوهات أو ابتلاءات خلقية في الرحم
هل يمكن الوقاية من القيء الحملي المفرط؟
في الحقيقة، لا توجد إجراءات حاسمة يمكنها منع حدوث القيء المفرط في الحمل بشكل نهائي، لكن بعض التعليمات يمكن أن تقلل حدوثه، مثل:- مضاعفة عدد الوجبات وتقليل كمياتها
- تناول الأطعمة اللطيفة بدون محليات وبدون إضافات
- تأجيل تناول أقراص الحديد المكلمة لحين انتهاء مرحلة الغثيان
- ارتداء رابط معصم ضاغط
- تناول فيتامين ب بمشتقاته
أسئلة متكررة وإجاباتها
س1. متى ينتهي غثيان الحمل؟ في الغالب ينتهي الشعور بالغثيان وأيضاً القيء بعد انتهاء الشهر الثالث من الحمل.
س2. هل عدم الغثيان أثناء الحمل طبيعي (هل من الطبيعي عدم الشعور بالغثيان)؟
نعم، ليس شرطاً أن يحدث غثيان أو قيء أثناء الحمل، فنسبة حدوثه كبيرة لكنها ليست 100%.
س3. هل الغثيان في الشهر التاسع من علامات الولادة؟
لا توجد علاقة بين الغثيان وطلق الولادة أو علامات بدء الولادة.
س4. هل توجد علاقة بين الغثيان أثناء الحمل ونوع الجنين؟
ينتشر بين الناس اعتقاد أن حدوث الغثيان وزيادة حدته في الشهور الأولى من الحمل يعتبر علامة على أن الجنين أنثى، وهو اعتقاد لا توجد أدلة على صحته، حيث لم تُنشر أبحاث أو دراسات حول هذا الموضوع. بعض الأبحاث غير المؤكدة ربطت بين حدوث القيء الحملي المفرط وكون الجنين أنثى، ولم تقدم ما يؤكد هذا الزعم حتى الآن.
س6. متى يبدأ غثيان الحمل، في أي اسبوع؟
كما ذكرنا في بداية المقال، يبدأ الغثيان فيما بين الأسبوعين الرابع والسابع، ويتم الحساب بناءً على أول يوم في آخر دورة شهرية.
س7. هل ممكن حدوث حمل بدون غثيان؟
كثير من النساء تسأل هذا السؤال خصوصاً في الشهور الأولى للزواج، والإجابة هي "نعم" يمكن أن يحدث حمل بدون أي غثيان ولا قيء. حوالي 30% من النساء لا يُصابون بغثيان الحمل من الأساس.
س8. هل توجد أكلات تخفف الغثيان للحامل وما هي؟
نعم، بالفعل توجد أطعمة تساعد على تخفيف الغثيان للحامل بنسبة كبيرة، من بين تلك الأطعمة ما يلي:
- الأطعمة الباردة مثل الخضروات الطازجة والسلطات
- الفواكه الطازجة
- النواشف والمقرمشات
- البطاطس المسلوقة (المهروسة) بدون زيت
- المرق وحساء الدجاج
- الأطعمة الغنية بفيتامين ب-6
- المعجنات والمخبوزات
- مشروبات مثل الزنجبيل والشاي والليمون
- من المهم تقسيم الوجبات وزيادة عددها لتقليل فترات خلوّ المعدة من الطعام.
تعليقات
إرسال تعليق