التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مرض منيير: أسباب، أعراض تشخيص، تحاليل وعلاج

داء منيير هو اضطراب يُصيب دهليز الأذن الداخلية مما يؤدي إلى حدوث ثلاثة أعراض مجتمعة عبارة عن نوبات "دوار" شديد  وصمم وطنين بالأذن، وتحدث هذه الأعراض بسبب زيادة حجم وضغط الليمف الداخلي، حيث يشعر المريض أيضاً بامتلاء أذنه أو كأن سائلاً ثقيلاً بداخلها.

تاريخياً: تمت تسميته ب "داء منيير" نسبةً إلى طبيب فرنسي يُدعى "Meniere" وصف المرض في القرن التاسع عشر، ويتميز باجتماع الأعراض الثلاثة السابق ذكرها معاً في المريض على شكل نوبات وهو مرض غير منتشر وتشخيصه يحتاج إلى خبرة من الطبيب بالإضافة إلى الفحوصات اللازمة التي سنعرض لها بالتفصيل في هذا المقال.

يمكن أن تبدأ نوبة الدوار والدوخة فجأةً أو بعد فترة قصيرة من الطنين أو ضعف السمع. بعض المرضى يصابون بنوبات الدوخة ويتخللها فترات طويلة من الهدوء، والبعض الآخر يُصاب بعدد كبير من النوبات في وقت قصير.
مرض منيير - داء منيير


أسباب مرض مينيير

مازالت الأسباب التي تؤدي للإصابة بمرض "منيير" غير واضحة وغير مفهومة بنسبة كبيرة، لكن إحدى النظريات المقبولة لتفسيره (لم يتم إثباتها) تقول بأنه يحدث بسبب زيادة السائل الليمفاوي في الأذن الداخلية وزيادة ضغطه نتيجة لأحد الاضطرابات التالي ذكرها:

  • اضطرابات عمليات الأيض وتفاعلات الجسم الكيميائية.
  • اضطرابات الهرمونات وتغيّر نسبها بالدم.
  • حدوث إصابات وجروح بالأذن تؤثر على الدهليز.
  • بعض أنواع العدوى مثل الزُهري ومتلازمة "قوجان" وهي التهاب القرنية الخلالي.
  • بعض أمراض المناعة مثل الذئبة الحمراء والتهاب المفاصل الروماتيزمي قد تسبب المرض، وقد زادت احتمالات هذه الفرضية بعد اكتشاف أجسام مضادة للغدة الدرقية لدى المصابين بداء "منيير".
  • بالإضافة لما سبق، تم اكتشاف أنواع من الحساسية من بينها حساسية ضد أطعمة معينة لدى المصابين بمرض منيير الذين لم يستجيبوا للعلاج المعروف.
تركيب الأذن - مرض منيير
تشريح الأذن الداخلية - مرض منيير


نسبة حدوث مرض منيير ولماذا يُصيب النساء أكثر

  •  يحدث مرض منيير في كل الأعمار، لكن النسبة الأكبر تحدث بين عمر 20 و50 سنة، فهو يصيب الشباب بصورة أكبر.
  • المرض ينتشر بصورة أكبر بين النساء، وتزداد نسبة حدوثه في النساء المصابات بمرض الصداع النثفي، ويعتقد الباحثون أن "منيير" و"الصداع النصفي" هما مرض واحد بأعراض مختلفة أو هما مرضان متعلقان بشكل كبير ببعضهما.

أعراض وعلامات داء منيير

يتم تعريف "منيير" بأنه عبارة عن نوبات أو حلقات تلقائية من الدوار وفقدان السمع والطنين أو الشعور بامتلاء الأذن، ولابد من حدوث الطنين أو على الأقل الشعور بامتلاء الأذن حتى يُمكن تشخيص الحالة بأنها "متلازمة منيير".

الدوار

  • هو إحساس الشخص بأنه يتحرك ويدور رغم أنه ثابت في مكانه.
  • الرأرأة (تذبذب المقلتين) السريع يحدث عادةً بصورة لا إرادية أثناء نوبات الدوار.
  • تستمر نوبات الدوار بين عدة دقائق وحتى بضع ساعات وغالباً ما يصاحبها غثيان وقيء.
  • لتأكيد التشخيص، لا بد من حدوث نوبتي دوار على الأقل لمدة لا تقل عن 20 دقيقة.
  • يُمثل مرض "منيير" 10% من أسباب الدوار في العموم.
  • في الفترات الخالية بين النوبات يكون الشخص طبيعياً تماماً في الغالب، لكن بعض المرضى قد يلاحظون تدهوراً في السمع وفي الاتزان.

فقدان السمع (الصمم)

  • فقدان السمع من النوع "العصبي-الحسي" لا بد أن يتم توثيقه مرة واحدة على الأقل بواسطة مقياس السمع لتأكيد التشخيص.
  • في بداية المرض، فقدان السمع يكون للترددات المنخفضة.

طنين الأذن

  • غالباً ما يكون غير نابض، وربما يصفه المريض ك "صوت صفير" في الأذن، لكن الوصف التقليدي له عبارة عن صوت يُشبه خرير أمواج البحر لكن بنغمة منخفضة.
  • يمكن أن يكون مستمراً أو متقطعاً، وغالباً ما يكون مناظراً لفقدان السمع أثناء النوبة.

علامات الإنذار

تحدث في حوالي 50 من الحالات، حيث يشعر المريض بألم في الأذن وإحساس بالامتلاء وتزايد حدّة الطنين، ويعرف أنه سيُصاب بعده بنوبة دوار.

كيف يتم تشخيص داء منيير؟

طبقاً لأحدث التوصيات الطبية الأمريكية، توجد معايير أساسية لتشخيص مرض منيير يجب أن تتوفر في المريض.

لكي يُشخّص مريض بداء منيير يجب أن يكون كما يلي:
  • حدوث نوبتين تلقائيتين أو أكثر من الدوار والدوخة وتستمر كل منهم 20 دقيقة إلى 12 ساعة
  • يجب أن يحتوي تقرير مقياس السمع على درجة من الصمم العصبي الحسي بدرجة بسيط إلى متوسط على الأقل في إحدى الأذنين المتأثرة.
  • تقلب الأعراض السمعية في الأذن المصابة ما بين طنين وشعور بامتلاء الأذن وضعف السمع مع فترات هدوء.
  • عدم وجود تشخيص طبي آخر مؤكد.

الفحوصات (التحاليل والآشعة) اللازمة لتأكيد تشخيص مرض "منيير" 

  • مقياس سمع: يُلاحظ حدوث فقدان سمع من النوع العصبي.
  • مقياس سمع تخاطبي.
  • تصوير كهربي لقوقعة الأذن: يؤكّد التشخيص.
  • اختبار الجفاف (يتم عمله أثناء النوبة).
  • آشعة مقطعية على الأذن لاستبعاد أي اضطرابات أو كتل خلف القوقعة.

طريقة علاج مرض مينيير

أولاً- العلاج بالأدوية

يتم توجيه العلاج الدوائي نحو مقاومة الأعراض أو الوقاية منها ومنع حدوثها، وتتركز خطة العلاج في قسم طواريء الأنف والأذن على تخفيف حدّة أعراض المرض لحين اتخاذ القرار النهائي.
  •  الخط الأول للعلاج يتضمن حقن المريض بالكورتيزون ومُدرّات البول، مع التأكيد على الامتناع عن تناول الملح في الطعام.
  • حقن المريض بعقار "ديازيبام" في الوريد أو العضل يؤدي إلى تحسن كبير وتخفيف للأعراض بالإضافة إلى تهدئة الغثيان والقيء.
  • ربما يقرر الطبيب إعطاء المريض محاليل وريدية لمنع الجفاف وتعويض ما يتم فقده من أملاح ومعادن.
  • أدوية مثبطة للعصب ومضادات للقيء مثل عقار "ميكليزين".
  • في المراحل المبكرة للمرض، يكون العلاج الدوائي مناسباً لكل المرضى.
يُنصح المريض أيضاً بتغيير نمط حياته، وتجنب مهيجات النوبات، فمثلاً لا بد أن يتجنب المريض تناول الأطعمة ذات الملح الكثير، والشوكولاتة والكافيين، بالإضافة إلى الامتناع عن التدخين ربما يكون كافياً لتجنب مضاعفات المرض وتجنب الدخول في المراحل الأسوأ.

ثانياً- طرق علاجية محافظة دون تدخل جراحي

أ. إعادة التأهيل

إذا كان المريض يعاني من اضطرابات في الاتزان بين نوبات الدوار، فإن جلسات إعادة التأهيل تساعد في تحسين الققدرة على الحفاظ على الاتزان.

ب. سماعات خارجية للأذن

استخدام سماعات خارجية أو ما شابه في الأذن المصابة يُحسن جودة السمع، ويمكن لطبيب السمعيات تقديم النصيحة بخصوص الحل الأمثل لتحسين السمع بناءاً على الاختبارات اللازمة.

ج. جهاز Meniett

في حالات الدوار المُستعصية، يتم استخدام "جهاز Meniett" لتطبيق ضغط في الأذن الوسطى مما يُحسّن عملية تبادل السوائل، ويتم توصيله بأنبوبة تهوية.

ثالثاً- العلاج بالجراحة

يتم اللجوء للجراحة في حالة فشل العلاج الدوائي، أو في حالة حدوث تدهور في حاسة السمع.
أ. إذا كان السمع مازال جيداً:
  • يتم حقن أدوية مثبطة للدهليز عبر طبلة الأذن.
  • تخفيف ضغط الكيس الليمفاوي الداخلي.
  • استئصال جزئي للعصب الثامن.
ب. إذا كان السمع مفقوداً تماماً:
يتم استئصال الدهليز، قديماً كان يتم جراحياً لكن في الوقت الحالي يتم استئصاله كيميائياً (عن طريق المضاد الحيوي "جنتاميسين").

تطور المرض ونسبة استجابته للعلاج

طبقاً للأبحاث، يكون العدد الأكبر من نوبات الدوار في مرض منيير في الأعوام الأولى للمرض ثم يقل عدد النوبات بالتدريج وتقل حدتها بصرف النظر عن تناول المريض للأدوية من عدمه، وفي النهاية يصل معظم المرضى إلى مرحلة مستقرة بدون أعراض.

كما مع الدوار، يكون فقدان السمع شديداً في السنوات الأولى للمرض ثم يستقر في السنوات التالية، لكن في الغالب لا يحدث تعافي من الصمم الحسي العصبي (مصدر).

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التهاب دهليز الأنف (فتحة الأنف): أسباب، أعراض، مضاعفات وعلاج

التعريف : التهاب دهليز الأنف هو التهاب الجلد المُغطّي لمدخل الأنف (فتحة الأنف) نتيجة الإصابة بعدوى بكتيرية صديدية أو بسبب التهاب تهيُّجي للجلد وهو يحدث غالباً نتيجة الرشح المزمن من الأنف ويتميز بجفاف وتيبُّس الجلد المغطي لفتحة الأنف الخارجية. ومدخل الأنف (الدهليز) هو المنطقة في بداية كل منخر والتي تحدد بداية الممرات الأنفية ويجب تفرقته من قرحة و دمامل وخراج فتحة الأنف . أسباب التهاب فتحة الأنف التهاب دهليز الأنف هو عدوى في الأساس سببها البكتيريا المكورة العقدية (Staphylococcus aureus). توجد العديد من أنواع البكتيريا في التي تعيش في الأنف بشكل طبيعي ولا تسبب مشاكل، لكنها تنشط وتسبب الالتهاب أو الخراج أو الأشكال الأخرى في وجود العوامل المهيئة، مثل: تكرار نفخ الأنف لفترة طويلة (النف). نتف شعر الأنف، لأنه يسبب جروحاً صغيرة تفتح باباً لدخول العدوى ثقب الأنف لوضع قطع معدنية. خدش الأنف وقد تحدث قرحة بفتحة الأنف تكرار اللعب في الأنف أو حكها  الرشح المزمن من الأنف (سواء بسبب فيروسي أو حساسية). وجود التهاب فيروسي في الأنف أو في أعضاء أخرى (هربس أو الحزام الناري). في دراسة حديثة (أُجريت في...

تحليل CBC صورة الدم الكاملة: شرح وتفسير النتائج بالتفصيل

هذا شرح شامل ومبسط لتحليل صورة دم كاملة (الرموز بالإنجليزية: Complete Blood Count وأيضاً Hemogram أو CBC with Differential) وتفسير النتائج ومعرفة ما تدل عليه والأمراض التي قد تظهر في التحليل وماذا يكشف (يُسمى أيضاً: تعداد دم كامل)، لكن في البداية نود أن نشرح لكم مكونات الدم حتى يتثنى لكم فهم ما ستقرؤنه بعد ذلك. الشرح التالي سيجعلك تستطيع قراءة تحليل CBC أو صورة الدم بسهولة وستتمكن من معرفة معلومات مبدئية عن حالتك الصحية، وستتمكن من اكتشافات اضطرابات جسدية حتى لو لم تظهر أعراضها، كما ستصبح قادراً على تقييم الأنيميا وسيولة الدم ووجود عدوى من غيره. ما مكونات الدم؟ يتكون الدم من عنصرين أساسيين هما "البلازما" وخلايا الدم. البلازما هي السائل الذي تعوم فيه الخلايا (تُسمى أيضاً "مصل الدم"). تتكون البلازما من ماء وبروتينات (مثل الألبيومين والجلوبيولين والفيبرينوجين) وبعض المكونات الأخرى وتمثل البلازما حوالي 50% وأكثر من حجم الدم. خلايا الدم هي الجزء الذي نحن بصدد شرحه في هذا المقال، وهي 3 أنواع رئيسية خلايا الدم الحمراء (RBCs) وخلايا الدم البيضاء (WBCs) والصفائح الدموية (P...

شرح الخراج والدمل: أسباب التكرار وأعراض وعلاج

الخراج هو تجمع مؤلم للصديد في أي مكان في الجسم وهو يحدث غالباً نتيجة عدوى بكتيرية تقيحية تنتج كميات كبيرة من الصديد الذي يتجمع تحت الجلد أو تحت الطبقة المخاطية ويحاط بجدار مما يرفع الضغط في الداخل ويسبب ألماً شديداً بالإضافة إلى ارتفاع في درجة الحرارة وأعراض أخرى كما سيأتي الشرح. من أشهر الأماكن التي يظهر فيها الخراج (بعض الناس يسمونه دمل) منطقة تحت الإبط، والأجزاء حول فتحة الشرج وحول المهبل وفي مؤخرة العمود الفقري ( الناسور العصعصي تحديداً) وفي الأسنان  وفي داخل الفخذ، والدمل هو الخراج الصغير. يوجد نوعان من الخراج هما خراج الجلد وهو يظهر في أي جزء من الجسم من الخارج، والخراج الداخلي الذي يتكون داخل الجسم في أحد الأعضاء أو في الفراغات بين الأعضاء وهو أخطر من الخراج الخارجي. ما أسباب الخراج وكيف يتكون؟ عندما يتفتّح الجلد الذي هو الحاجز الأول ضد العدوى بسبب الجروح أو حتى الشقوق الدقيقة جداً، فإن البكتيريا تصبح قادرة على الدخول بين طبقات الجلد وبث سمومها. في هذه الحالة يبدأ الجهاز المناعي في مهاجمة البكتيريا وسمومها للقضاء عليها فيتكون الصديد الذي هو عبارة عن خلايا الدم البيضاء المسئ...