التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لماذا يجب أن تُعرّض طفلك للجراثيم والبكتيريا في بداية حياته

اتركوا أطفالكم يتعرضون للبكتريا, اسمحوا لهم أن يأكلوا ما يقع منهم على الأرض مادمتم داخل المنزل, لا تغسلي ألعاب طفلك كلما وقعت منه أو كلما لعب بها فترة, إذا توفّرت فرصة لإبنك ليلعب في الشارع ويوسّخ ملابسه بالأتربة والرمال, اتركيه يلعب في حدود المعقول .. هذا الكلام يبدو غريباً وقد تستنكره فور سماعك له, لكنه كلام علميّ بحت أكّدته دراسات علمية مرموقة بجامعات "هارفارد" و "أكسفورد" كما سنفصل في هذا المقال بالمصادر.

النساء اللاتي يُبالغن في العناية بنظافة أطفالهن, ظانّين أنهن بذلك يحافظن على صحة فلذات أكبادهم, هم في الحقيقة يتسببن لهم في أضرار بالغة, ويجعلوا أبنائهم عُرضة لعدد من الأمراض المزمنة من أشهرها حالياً حساسيات الصدر والحساسية ضد بعض الأطعمة, بالإضافة إلى أمراض الجهاز الهضمي, والتهابات الجلد المختلفة, فما تفسير ذلك؟!
تعريض-الأطفال-للميكروبات-مفيد-صحياً

 لماذا يجب تعريض الأطفال في هذه السن بالذات للبكتريا والجراثيم؟

حسب دراسات سريرية (تم إجراؤها على البشر), بالإضافة إلى تجارب على الحيوانات ضمن سلسلة أبحاث أُجريت بجامعات هارفارد الأمريكية, وأُكسفورد البريطانية (مصدر 1), فإن تعريض الطفل لمسبّبات الأمراض المختلفة, من بكتيريا وفيروسات, وما شابه يساهم بشكل أساسي في تطوير جهاز المناعة لديه, وتكوين ذاكرة مناعية قوية ضد تلك الأمراض, تكون هي عامل الحسم الأول إذا ما تعرض الشخص لتلك الميكروبات في عمر أكبر.


وطبقاً لاستنتاجات البحث, فإن أمراضاً مثل "الربو الشُعبي" و "إكزيما الجلد" و "حمى القش" و مرض "السكّري" الذي يُصيب الأطفال, هذه الأمثلة من الأمراض المنتشرة تحدث في الغالب لأشخاص قضوا فترة طفولتهم بعيداً تماماً عن التعرض للميكروبات و القاذورات البسيطة, فهم في الغاب أطفال لم يلعبوا يوماً في الطين, أو يقتربوا من البرك أو المستنقعات, وكان آباؤهم يبالغون في العناية بنظافتهم (مصدر 2).

يقول الباحثون: 
بدون التعرض للجراثيم والملوّثات في مراحل الحياة المبكرة للأطفال, فإن جهازهم المناعي لا يتعلم كيفية التحكّم في رد فعله ضد المهاجمين المتكررين مثل الأتربة وحبوب اللقاح وغيرها, وهو ما قد يقود جهاز المناعة إلى القيام بردود أفعال غير محسوبة في حال التعرض لتلك المهاجمات في المستقبل, وهو ما يسبب الحساسيات المفرطة, وعدد من الأمراض الأخرى.

 كيف أساعد في تطوير جهاز المناعة لدى طفلي, وما هي الطريقة الصحيحة؟

1. يُفضّل ألا يتم غسل ألعاب الطفل بشكل متكرر, خصوصاً أناه مازالت داخل نطاق المنزل.
2. تشجيع الطفل على الاحتكاك المباشر بالبيئة دون تدخّل مباشر منك, اسمح له باللعب في الأماكن المفتوحة دون توجيهه بعدم لمس كذا أو كذا بيده, فقط اضمنوا عدم تعرض لخطر الإصابة بجروح مباشرة أو الوقوع من ارتفاع مثلاً.

3. التقليل من استخدام المُطهّرات الصناعية للحد الأدنى وبعيداً عن الطفل, تؤكد هيئة الغذاء والدواء الأمريكية FDA أن الصابون العادي يكفي للوقاية من الميكروبات مثله مثل أشهر وأغلى المطهرات العالمية (مصدر 3).

4. السماح للطفل باللعب في الأماكن المفتوحة, وعدم منعه من لمس التراب أو الأشجار أو الطين أو الرمال.
5. تجريب الأطعمة المختلفة من مصادر مختلفة بعيداً عن اللحوم, ربما اصطحاب الطفل لأكل وجبة من الشارع مصنوعة في وسط بكتيري مُعتاد لنا يقوّي مناعة الطفل, ويحمي جسمه من الإصابة بأمراض مختلفة في المستقبل كان يمكنه التحصّن ضدها في مرحلة الطفولة.

6. السماح باحتكاك الطفل بالحيوانات الأليفة يُساعد في تطوير جهازه المناعي إلى مستوى أقوى من المواجهة, ويحميه من الإصابة بعدد من أمراض الحساسية في المستقبل (مصدر 4).

7. تشجيع الولادة الطبيعية, والابتعاد قدر الإمكان عن القيصرية, حيث أن تعريض الطفل مبكراً للبكتريا المهبلية يقوي مناعته بشكل مبكّر (مصدر 5).

8. من المهم جداً التأكيد على عدم استخدام المضادات الحيوية (خصوصاً واسعة المدى) إلا في حالات الضرورة القصوى, وتحت إشراف طبيب أطفال مختص, وليس صيدلياً كما يحدث في بلادنا.
9. السماح للطفل بالتقاط الطعام الساقط منه وأكله مادام داخل المنزل.

كيف تساعد المُلوّثات والجراثيم طفلك في بداية حياته, وما الأمراض التي تحمي منها؟

الكثير من الفوائد الصحية على المستوى البدني والنفسي أيضاً, لكن تركيزنا في هذا المقال سيكون على تحديد أهم وأخطر الأمراض التي يحمي هذا السلوك أطفالنا من الإصابة بها, وأكثر هذه الإمراض انتشاراً.

يُقلل هذا السلوك (تعريض الطفل للملوّثات والجراثيم في بداية حياته) يقلل من خطر الإصابة بعدد من الأمراض مثل "السكري" (النوع الذي يُصيب الأطفال), أمراض الجهاز التنفسي, أمراض الأمعاء والجهاز الهضمي بصفة عامة, حساسيات الجلد, والأهم حساسيات الأطعمة المشهورة والتي باتت منتشرة بشكل كبير بين الأطفال هذه الأيام.

في نهاية المقال, ننصح الآباء والأمّهات بانتهاج الوسطية في تربية أطفالهم, ومنحهم مساحة حرية في اللعب والاحتكاك بالبيئة, ولنقرّب الفكرة لأذهانكم, نُذكّركم بالأمصال (التطعيمات) التي يتلقاها أطفالكم ففكرتها هي نفس الفكرة التي نتحدث عنها في مقالنا هذا غير أنها مخصصة لأمراض معينة فتاكة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التهاب دهليز الأنف (فتحة الأنف): أسباب، أعراض، مضاعفات وعلاج

التعريف : التهاب دهليز الأنف هو التهاب الجلد المُغطّي لمدخل الأنف (فتحة الأنف) نتيجة الإصابة بعدوى بكتيرية صديدية أو بسبب التهاب تهيُّجي للجلد وهو يحدث غالباً نتيجة الرشح المزمن من الأنف ويتميز بجفاف وتيبُّس الجلد المغطي لفتحة الأنف الخارجية. ومدخل الأنف (الدهليز) هو المنطقة في بداية كل منخر والتي تحدد بداية الممرات الأنفية ويجب تفرقته من قرحة و دمامل وخراج فتحة الأنف . أسباب التهاب فتحة الأنف التهاب دهليز الأنف هو عدوى في الأساس سببها البكتيريا المكورة العقدية (Staphylococcus aureus). توجد العديد من أنواع البكتيريا في التي تعيش في الأنف بشكل طبيعي ولا تسبب مشاكل، لكنها تنشط وتسبب الالتهاب أو الخراج أو الأشكال الأخرى في وجود العوامل المهيئة، مثل: تكرار نفخ الأنف لفترة طويلة (النف). نتف شعر الأنف، لأنه يسبب جروحاً صغيرة تفتح باباً لدخول العدوى ثقب الأنف لوضع قطع معدنية. خدش الأنف وقد تحدث قرحة بفتحة الأنف تكرار اللعب في الأنف أو حكها  الرشح المزمن من الأنف (سواء بسبب فيروسي أو حساسية). وجود التهاب فيروسي في الأنف أو في أعضاء أخرى (هربس أو الحزام الناري). في دراسة حديثة (أُجريت في...

تحليل CBC صورة الدم الكاملة: شرح وتفسير النتائج بالتفصيل

هذا شرح شامل ومبسط لتحليل صورة دم كاملة (الرموز بالإنجليزية: Complete Blood Count وأيضاً Hemogram أو CBC with Differential) وتفسير النتائج ومعرفة ما تدل عليه والأمراض التي قد تظهر في التحليل وماذا يكشف (يُسمى أيضاً: تعداد دم كامل)، لكن في البداية نود أن نشرح لكم مكونات الدم حتى يتثنى لكم فهم ما ستقرؤنه بعد ذلك. الشرح التالي سيجعلك تستطيع قراءة تحليل CBC أو صورة الدم بسهولة وستتمكن من معرفة معلومات مبدئية عن حالتك الصحية، وستتمكن من اكتشافات اضطرابات جسدية حتى لو لم تظهر أعراضها، كما ستصبح قادراً على تقييم الأنيميا وسيولة الدم ووجود عدوى من غيره. ما مكونات الدم؟ يتكون الدم من عنصرين أساسيين هما "البلازما" وخلايا الدم. البلازما هي السائل الذي تعوم فيه الخلايا (تُسمى أيضاً "مصل الدم"). تتكون البلازما من ماء وبروتينات (مثل الألبيومين والجلوبيولين والفيبرينوجين) وبعض المكونات الأخرى وتمثل البلازما حوالي 50% وأكثر من حجم الدم. خلايا الدم هي الجزء الذي نحن بصدد شرحه في هذا المقال، وهي 3 أنواع رئيسية خلايا الدم الحمراء (RBCs) وخلايا الدم البيضاء (WBCs) والصفائح الدموية (P...

خراج الأنف ودمل داخل الأنف: أسباب، أعراض، علاج ومضاعفات

دمِّل فتحة الأنف (المدخل أو الدهليز من الداخل) هو عبارة عن عدوى بكتيرية تُسبب التهاباً حادّاً في إحدى بُصَيلات الشعر الموجود بفتحة المنخر داخل الأنف، تُسببها البكتيريا المكورة العقدية (staphylococcus aureus) وهي حالة وإن كانت تبدو بسيطة وتُشفى تلقائياً في أغلب الأحيان، إلا أن لها مضاعفات -إن حدثت- فهي غاية في الخطورة نظراً لوقوع تلك المنطقة ضمن مثلث الخطر بالوجه والذي قد تمتد أى عدوى فيه عبر بعض الأوعية الدموية إلى المخ. يجب تفرقته من التهاب دهليز الأنف . في حال عدم علاج خراج الأنف أو الدمل، فإن المريض يكون معرضاً لعدد من المضاعفات شديدة الخطورة مثل الالتهاب الخلوي في الوجه و تخثر الجيب الكهفي  وما يتبعه من ارتفاع كبير في درجة الحرارة والتورم حول العين مع شلل الأعصاب الدماغية أرقام 3 و4 و5 و6 وأغلبهم وظيفته حركة العين والإبصار. الأسباب : غالباً يحدث الدِمّل في الأنف نتيجة لما يلي: كنتيجة لإصابة ميكانيكية مثل خدش الأنف أو جرحها مما يؤدي لدخول البكتيريا سريعاً لتلك المنطقة. في الأطفال نتيجة لعبهم وإدخالهم المتكرر لأصابعهم في أنوفهم. غالباً تكون البكتيريا المكورة العنقودية الذهبية هي ...